يا من يرى مد البعوض جناحها*** في ظلمة الليل البهيم الأليل
ويرى مناط عروقها في نحرها*** والمخ من تلك العظام النحل
ويرى خرير الدم في أوداجها*** متنقلاً من مفصل في مفصل
ويرى وصول غذى الجنين ببطنها*** في ظلمة الأحشا بغير تمقل
ويرى مكان الوطئ من أقدامها*** في سيرها وحثيثها المستعجل
ويرى ويسمع حس ما هو دونها*** في قاع بحر مظلم متهول
أمنن علي بتوبة تمحو بها*** ما كان مني في الزمان الأول
يا من يرى ما في الضمير ويسمعُ ***أنت المُعِـدُّ لكلّ ما يتـوقَّـعُ
يا من يُرجَّي للشدائد كلِّها ***يا من إليه المشْتَـكَي والمفْزعُ
يا من خزائن رزقه في قول كُنْ ***أَمْنُـنْ فإن الخيرَ عندك أجمعُ
ما لي سوى فقري إليك وسيلةٌ ***فبالافـتِـقارِ إليـكَ فقري أدْفعُ
ما لي سوى قَرعي لبابك حيلةٌ ***فَلَئِن رُدِدْتُ فأيَّ بابٍ أقرعُ
ومَن الذي أدعو وأهتِف بإسمه ***إن كان فضلُـك عن فقيرِك يُمْنَعُ
حاشا لفضلك أن تُقَنِّطَ عاصياً ***الفضلُ أَجْـزلُ والمواهب أوْسَعُ