فى اللغة الدارجة دائما ما نخلط بين النفس والروح..فنقول ان فلانا طلعت روحه...ونقول ان فلانا روحه تشتهى كذا...او ان روحه تتعذب.. او ان روحه توسوس له.. او ان روحه زهقت او ان روحه طاقت او اشتاقت او ضجرت وملت....
وكلها تعبيرات خاطئة وكلها احوال تخص النفس وليس الروح
فالتى تخرج من بدن الميت عند الحشرجة او الموت ..هى نفسه وليس روحه
يقول الملائكة للمجرمين ساعة الموت:
(اخرجوا انفسكم اليوم تجزون عذاب الهون)93- الانعام
واتى تذوق الموت هى النفس وليس الروح
(كل نفس ذائقة الموت)185-ال عمران
والنفس تذوق الموت ولكن لاتموت..فتذوقها الموت هو رحلة خروجها من الجسد والنفس موجودة قبل الميلاد..وهى موجودة بطول الحياة... وهى باقية بعد الموت..لتحاسب
جنة او نار
وعن وجود النفس قبل ميلاد اصحابها يقول الله: انه اخذ الذرية
من ظهور الاباء قبل ان تولد واشهدها على ربوبيته حت لا يتعلل احد بانه كفر لانه وجد اباه على الكفر
(واذ اخذ ربك من بنى ادم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلى شهدنا)172- الاعراف
فذلك مشهد احضرت فيه الانفس قبل ان تلابس اجسادها بالميلاد وليس لاحد عذر بان يكفر بعلة كفر ابيه..وبهذا استقرت حقيقة الربوبية فى فطرتنا جميعا
ثم ان الروح لاتوسوس ولا تشتهى ولا تهوى او تضجر او تمل
ولا تتعذب ولا تعانى هبوطا او انتكاسا..انما كل هذا من احوال النفس وليس الروح
(فطوعت له نفسه قتل اخيه فقتله)30-المائدة
(ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه)16-ق
(ونفس وما سواها فالهمها فجورها وتقواها)7-8-الشمس
وغيرها من الايات التى تشير ان تلك الاحوال السابقة تصيب النفس وليس الروح
فالنفس هى المتهمة فى القران بالشح...والوسواس..والفجور والطبيعة الامارة وللنفس فى القران ترق وعروج..فهى يمكن ان تتزكى وتتطهر فتوصف بانها لوامة وملهمة ومطمئنة وراضية ومرضية.
(يا يتها النفس المطمئنة ارجعى الى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى)27-28الفجر
اما الروح....فى القران فتذكر دائم بدرجة عالية من التقديس
والتنزيه والتشريف..ولا يذكر لها احوال من عذاب او هوى او شهوة او شوق..ولا يذكر انها تخرج من الجسد او انها تذوق الموت ولاتنسب الى الانسان وانا تاتى دائما منسوبة الى الله.....يقول الله عن مريم:
(فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا)17-مريم
ويقول عن ادم:
(فاذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين)29-الحجر....فيقول الله عز وجل(روحى)وليس روح ادم...فينسب
ربنا الروح لنفسه دائما...(وايدهم بروح منه) اى من الله
22- المجادلة....ويقول عن القران ونزوله على النبى عليه الصلاة والسلام:
(وكذلك اوحينا لك روحا من امرنا)52-الشورى
ويقصد بالروح هنا "الكلم الالهى القرانى"
(يلقى الروح من امره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاقى)15-غافر
والروح هنا هى الكلمة الالهية والامر الالهى
والروح دائما تنسب الى الله وهى دائما فى حركة من والى الله ا..ولاتجرى عليها الاحوال والصفات الانسانية فلايمكن ان تكون محل هوى اوشوق او عذاب
ولهذا توصف الروح بصفات عالية.
فيقول القران عن جبريل:انه روح القدس...والروح الامين
ويقول عن عيسى انه(رسول الله وكلمته القاها الى مريم وروح منه)اى روح من الله171- النساء
اما النفس دائما تنسب الى صاحبها...
(وما اصابك من سيئة فمن نفسك)79- النساء
(من اهتدى فانما يهتدى لنفسه)15- الاسراء
(وضاقت عليهم انفسهم)118- التوبة
(وما ابرئ نفسى)53-يوسف
وحينما...تنسب النفس الى الله.....فتلك هى الذات الالهية
(ويحذركم الله نفسه)28-ال عمران
وذلك هو الله الذى ليس كمثله شئ وهو مما لا يستطيع الانسان ان يتخيل له شبيها ولا يصح ان نقيس النفس الالهية على نفوسنا...فالنفس الالهية هى غيب الغيب
يقول عيسى لربه يوم القيامة
(تعلم ما فى نفسى ولا اعلم مافى نفسك)116-المائدة
فالنفس الالهية لا تتشابه مع النفس البشرية الا فى اللفظ ولكنها شئ اخر البتة
(ليس كمثله شئ)11- الشورى
(لم يكن له كفوا احد) 4- الاخلاص
والسؤال اذن:
مانصيب كل منا من الروح؟
وماذا نعنى حينما نقول ان لنا روحا وجسدا؟
ثم ما علاقة نفس كل منا بروحه وجسده)
الاجابة على كل هذه التساؤلات موضوع المقال القادم
للتواصل
لا يوجد حالياً أي تعليق